المراوحة طريق التدويل ..!

 

بقلم العميد منذر الايوبي*

على طاولة مستديرة يجلس اليوم في مقر وزارة الخارجية الفرنسية “الكي دورسي” كل من باتريك دوريل Patric Dorel مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط و شمال أفريقيا ، كريستوف فارنو Christophe Varno مساعد وزير الخارجية الفرنسية و نظيره الاميركي دايفيد شينكر David Schenker إضافة الى مدير دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البريطانية أدوارد أوكدن Edward Oakden الاجتماع سيتطرق حكمآ الى ألأوضاع الإقليمية و من ضمنها أيضآ الملف اللبناني بتشعباته
و تعقيداته المتضمن استقالة الحكومة اللبنانية إضافةً إلى ما تشهده الساحات و الشوارع من إنتفاضة شعبية مضى عليها حوالي الشهر تقريبآ كذلك الأوضاع المعيشية المتردية و أعباء وجود النازحين السوريين حيث البلد قاب قوسين أو أدنى من الانهيار الشامل ..!

من الواضح ان الزيارة الأخيرة ل مسيو “فارنو” الى بيروت منحت الأخير فرصة الاطلاع عن كثب على المستجدات اللبنانية و خطورة ما يمر به لبنان على كافة الأصعدة السياسية و الاقتصادية و المالية ألأمر الذي سيسمح له بعرض الصورة الحقيقية أمام ألمجتمعين للواقع المتأزم الحالي و الكيفية التي تراها الدوائر الفرنسية ضرورية لتخفيف الاحتقان و إطلاق الحلول المرتجاة سواء من خلال تأمين المساعدات و القروض المالية و تمويل المشاريع الضرورية للبنى التحتية المتهالكة او عبر وضع خارطة طريق لرؤية سياسية مستقبلية متوازنة بما يتناسب و مطالب الحراك و استعادة الثقة بين المواطن و الدولة و مؤسساتها ..!
من جهة أخرى و بصرف النظر عما تعلنه الديبلوماسية الاميركية حول دعمها استقرار لبنان و تطوير قدرات الجيش اللبناني من خلال المساعدات العسكرية السنوية فإن الرؤية الفرنسية ستصطدم في بعض نقاطها مع وجهة النظر الاميركية ألمرتبطة ابعادها بتطورات الوضع في الإقليم بِدءآ من ألأحتجاجات الشعبية ألمستجدة في الداخل الإيراني و ألحراك الشعبي في العراق إضافةً إلى الرغبة
أو الرفض الاميركي لمشاركة حزب الله في أية حكومة مقبلة بألتزامن مع العقوبات المالية المفروضة عليه و ألسعي لتعزيز المحور او القوى الداخلية المناهضة له ..!
ألسؤال المطروح هنا ؛ هل يمكن الموائمة بين الحفاظ على الاستقرار السياسي و الأمني ألداخلي و السير بالإصلاحات الاقتصادية وِفقآ للنظرة ألأوروبية و الفرنسية تحديدآ بألتوازي مع ألنوايا الاميركية و قرارات إدارتها تجاه لبنان و حزب الله بصورة خاصة ..؟ و ما هي ألخيارات المطروحة ..؟
ليس من السهولة بمكان إيجاد موطئ قدم للتوفيق بين النظرتين ألدوليتين في ظل انقسام عامودي بين القوى السياسية و الأطراف اللبنانية المتصارعة ذات الارتباطات الخارجية لا سيما بعد دخول الحراك الشعبي طرفآ ثالثآ أساسيآ فاعلآ و مؤثرآ على المعادلة ، بألتالي فإن استمرار الكباش الداخلي و التلهي عن تلبية مطالب الشارع و تبريده إضافةً إلى حالة المراوحة القاتلة المستمرة سوف تؤدي إلى تفاقم ألأوضاع المزرية أصلآ و تدهور الوضع الأمني تدريجيآ متزامنآ مع الانفجار الشعبي ثم الانهيار الأخير ..!
يبدو للمراقبين ان عمق أزمة النظام لم تعد تسمح بالحلول المؤقتة او المرحلية أما المعالجات الجذرية فغير متوفرة كما أن أرضيتها ألدولية و الإقليمية غير جاهزة حتى ألآن ؛ ألأمر الذي يفرض على الجميع الخروج من عنق الزجاجة عبر تسهيلات و تنازلات بضمانات فرنسية مرتجاة ربما تعيد إنتاج السلطة و تؤمن توازنآ معقولآ يسهل تلبية المطالب الشعبية البديهية المحقة و عودة عجلة الحياة الطبيعية الى الدوران ..
هل ألواقع اللبناني في ظل أزمته الحالية ألمستعصية على عتبة التدويل ؟ سؤال بات يطرح في ألكواليس في ظل عواصف الإقليم بألتوازي مع ألتلكؤ غير مبرر في تشكيل حكومة تستجيب لمطالب الشارع و تحوز ثقته .. الحكمة الموروثة تقول “عند تغيير الدول إحفظ رأسك” ألأيام القليلة القادمة ستتكفل بتظهير نتائج إجتماع باريس .. حمى الله لبنان …