اللبنانيون في الساحات يثأرون لكرامتهم .. ولن يأبهوا للآتي

 

 

بقلم : البروفسور إيلي الزير*

 

لن تأتي الدولارات إلى لبنان : “خذوا اعاشة”! هذا ما كان ورد فحواه في بعض التسريبات وعناوين الصحف.

ولا نفشي سراً عندما نكشف ان ما قيل في باريس قبل انعقاد الاجتماع اليوم بشأن لبنان يكشف بصراحة اننا قد وصلنا بل دخلنا في الانهيار المريع على كل المستويات الاقتصادية  والاجتماعية وحتى الأخلاقية. ولكن الحكام لا يبالون.

وليس صعباً ان نعرف ان هذا الوطن عانى وما يزال منذ ان سلم زمام أموره لهذه الطبقة الحاكمة التي أطبقت على أنفاسه وما تزال تخنقه حتى اللحظة، علماً انها طبقة من أسوأ النماذج البشرية الحاكمة في العالم، حيث ديدنها الكذب والمخادعة والسرقة والنهب وعقد الصفقات، وانعدام الاخلاق على كل المستويات. وهي طبقة  تضم مجموعة من الناس لا عهود لهم، ويعتبرون النكث بالوعود شطارة وتذاكياً، وقد استباحوا خيرات بلادنا طيلة 30 عاماً مضت وتصرفوا بها بعد اقتسامها علانية وعلى رؤوس الاشهاد، وبشكل متلفز أحيانا، من دون ان يحسبوا أي حساب لأحد.. وها هم الآن وصلوا الى تحويشة اعمارنا ووضعوا ايديهم على أموالنا المودعة في البنوك، ويحاولون سرقتها ايضا بالتواطؤ والاتفاق المضمر فيما بينهم ، دون ان يرف لهم جفن ودون ان يخرج من بين اللبنانيين بعد مارداً يقطع أياديهم كما يقطع رؤوس كل من أراد شراً بالوطن وأبنائه .

فهذه الارض التي كانت تسمى يوما ب”سويسرا الشرق، صار لا بد من انشقاقها وخروج المارد من بين جنباتها ليعلن قطع ايادي السراق واللصوص الذين حولونا الى “الاعاشة” .

أليس من المعيب علينا ان نصل إلى الاعاشة بعد ان كانت الدولة اللينانية تمد الشركات العالمية العملاقة بالمعونات والقروض في حقبة السبعينات من القرن الماضي كما حصل مع شركة “رينو” الفرنسية على سبيل المثال سنة 1972 حين استدانت من الدولة اللبنانية سبعة ملايين ليرة لبنانية؟!

والمعلوم والمفترض ان اقتصاد الدولة ينمو نحو الأفضل مع مضي الوقت.

لذلك علينا ان نتفهم لماذا انتفض الشعب اللبناني الذي تألم ثلاثين سنة من 1992 وحتى تاريخه، وبات يشعر بأنه يعامل من حكامه كقطيع من الأغنام، فتجمع بحضارة وسلمية في الساحات، بعيداً عن ثقافة قطاع الطرق وتطاولهم واعتداءاتهم على الناس . وتوحدوا على هدف واحد هو إنقاذ لبنان، غير آبهين بما سيحدث، وانطلاقا من قول الامام علي بن الحسين حين سأل أباه: أولسنا على حق يا أبتي؟ فأجابه: بلى.  فقال :إذن لا نبالي أوقعنا على الموت ام وقع الموت علينا.
————-

*اخصائي في السمعيات