الكويكب الليبي ..!

 

 

بقلم ألعَميد منذر ألأيوبي*
 
لا جديد ؛ بروفة إستعمارية أو وضع يد على ثروات و مقدرات .. لا تزال ليبيا ألدولة ألعَربية في براثن ألفوضى بِإنتظار ألحَل ألغير قريب .. عُقِد مؤتمر برلين ألدَولي حول ليبيا مُؤخَرَآ بمشًاركة إقليمية عربية و دولية ؛ إختصر الأمينالعام للأمم المتحدة Antonio Guterres حصيلة ألمؤتمر بكلمة مقتضبة : إن القوىالكبرىملتزمة تمامابالتوصل إلى حلسلمي للأزمة مع تعهد قادة الدولالمشاركة عدم التدخل في الحرب الأهليةالدائرة هناك و دعم حظر الأسلحة الذيتفرضه الأمم المتحدة ..!
كلام ألأمين ألعام و إن مواربةً يُؤشر أن ألحل ألسلمي بعيد ألأجل لكن يبقى ضمن صدقية ألإلتزام بألسعي إليه في مدة زمنية مفتوحة ؛ كَما أن ألحرب ألأهلية في ليبيا ستكون بمنأى عن ألتدخل ألخارجي و هذا من نوع ذر ألرماد في ألعيون ، إذ أن ألتواجد ألعسكري ألغربي و ألإقليمي سواءً ألمعلن أو ألمموه ألصامت (ألإستخباراتي) بصماته واضحة على كثبان ألشواطيء ألرملية من “طبرق” إلى “زوارة” مرورآ ب “بنغازي” و ألعاصمة طرابلس ألغَرب ؛ أما مسألة حظر ألأسلحة ألَذي تفرضه ألأُمَم ألمتحدة فيدخل في خانة إملأ ألفراغ ب ألشحنة المناسبة لكن ألعلامة ألأمنية ستساوي بألنتيجة صفرًا ..!
مؤكدآ ؛ أن ألصراع ألعسكري متعذر ألحسم سواء من قبل قوات ألجنرال خليفة حَفتَر أو من قبل جيش حُكومَة ألوفاق ألوطني برئاسة فائز ألسراج ؛ هذا مَا أشارت إليه ألمستشارة ألألمانيّة أنغيلاميركل بشكل غير مباشر معتبرة ألمؤتمر “خطوة صغيرة إلى الأمام، مع الإقراربأنه لا يزال هناك عمل كثير ينبغي إنجازهقبل الوصول إلى السلام“..!
من هذا ألمُنطلق ألنزف مستمر وسط ألتداخلات و ألتعقيدات و مَصالح ألدول ألمتشعبة منها على سبيل التعداد لا ألحصر موجات ألهجرة ألعابرة بحرآ إلى دول أوروبا ؛ وضع أليد على ألثروة ألنفطية و ألغازية ؛ مشاريع إعادَة ألإعمار و ألبنى ألتحتية إضافة إلى تحديات أمنية لها إنعكاساتها دوليآ : تسلل مَجموعات داعِش و ألنُصرة من سوريا و ألعراق إلى هَذا ألبلد ألذي بات يشكل نافذة خلفية تستخدمها ألمنظمات ألإرهابية و ألأصولية ألمُتطرفة للولوج إلى ألقارة ألأفريقية ..!
بألمقابل كان ألمؤتمر جديرآ بألاهتمام في ضَرورَة ألإنعقاد يعكس رغبات ألمعالجة و إن موضعيآ لا سيما بمشًاركة ألرئيسين ألروسي فلاديمير بوتين و ألتركي رجب طيب أردوغان ، ألمستشارة ألألمانية ، ألرئيس ألمصري ، وزير ألخارجية ألأميركي ، رؤساء ألمنظمات ألدولية : ألإتحاد ألأوروبي ، ألإتحاد ألأفريقي ، جامعة ألدول ألعَربية إضافَةً إلى ممثلين لكل من بريطانيا ،ألصين ،ألجزائر ،إيطاليا ،ألإمارات ،ألكونغو.
 
توازيًا ؛ بصرف ألنَظر عن ألبيان ألختامي ألديبلوماسي ألمتوقع و ما تضمنه من آمال مرتجاة في مراحله ألأولى وقف شامل لِإطلاق ألنار عَبرَ إتفاق ترعاه ميدانيا لجنة عسكرية مؤلفة من خمسة ضباط لكل من فريقي ألصراع 5+5 ؛ فَإنَ “ألكولسات” أحاديث ألكواليس Coulisse شهدت نقاشات هامة لَيسَ أقلها ألإحتواء ألروسي للدور أو ألتدخل ألعسكري ألتركي في ليبيا ؛ إذ لا يمكن ألسماح بتولي ألأخوان ألمُسلمين دفة ألحُكم في بلد تجمعه مع مصر حدود برية بطول 1200 km و هذا أمر ملح إستراتيجي لَدى ألرئيس ألمصري عبد ألفتاح ألسيسي إضافَةً إلى خطورة ألإنزِلاق نَحوَ مواجهة عسكرية تركية – مصرية مباشرَةً ..!
 
بألتزامن ؛ كان من نتائج ألإندفاع ألتركي بمحفزات ألهيمنة ألسلطانية ألبائدة نحو ألمتوسط ألشرقي من قبرص إلى أليونان فَ ليبيا قيام تحالف ثلاثي مصري – يوناني – فرنسي مُنَسَق فرمل إلمباغتة ألتركية ألتي حاولت إستغلال ألإنكفاء ألإقليمي و ألأوروبي عن ألمَشهَد ألليبي بهدف تثبيت موقعها ألجيوسياسي لا سيما بعد توقيع ألرئيس ألتركي و رئيس حكومة ألوفاق ألليبية بتاريخ 27.11.2019 “مذكرتي ألتفاهم” إتفاق أنقرة ألَذي تحول سريعآ إلى إتفاقية دولية بعد مصادقة ألبرلمان ألتركي عليها من مضامين بنودها ألستة ترسيم ألحدود ألبحرية و كل ما يتعلق بمناطق ألسيطرة و ألنفوذ و إستثمار حقول ألطاقة إضافَةً إلى تعاون ثنائي أمني عسكري مشترك ..!
هذه ألإتفاقية بأبعادها ألإستراتيجية لطالما كانت موضع سعي تركي دائم أثمر غايته أخيرآ في ظل إنهيار ألدولة ألليبية في حين أن أهداف ألرئيس ألسراج مزدوجة ذات خلفية تكتيكية سياسية تضمن بقاءه في ألسلطة و حِمايَة ألعاصِمَة طرابلس ألَتي كانت قد قاربت ألسُقوط بيد قوات ألمُشير خليفة حَفتَر ..
 
من جهة أخرى ؛ بمشاركة كل من تونس ، مصر ، ألسودان ، تشاد و ألنيجر أتى إجتماع وزراء خارجية دول ألجوار ألليبي في ألعاصِمة ألجزائر أول من أمس إستكمالآ لمؤتمر برلين في أهدافه ألمرتجاة لا ألمفروضة تعزيز ألهدنة ، وقف الهجمات على منشآت ألنفط ، ألعمل على توحيد ألجيش ألليبي و حظر توريد ألسلاح ألأمر ألذي يسمح بمتابعة جهود ألحراك ألدَولي و ألإقليمي في ألدفع نحو حل سياسي يحظى برضى ألأطراف جميعآ و يضع حدآ للحرب ألدائرة في ألبلاد ..!
 
في سياق متصل ؛ ألإحتواء ألروسي للإختراق ألتُركي للمتوسط ألشرقي و ألشمال ألأفريقي حَتى ألعمق ألليبي لا يعني رفضه أو مواجهته بل دوزنته بما يضمن إلتزام أنقرة ألحل ألسياسي في سوريا و إتفاقي أستانه و سوتشي هذا ما يمارسه بجدارة ألرئيس بوتين (ألمايسترو) بما يضمن تحقيق مصالح روسيا و موقعها و دورها إن على صعيد ألإقليم أو على مستوى ألكوكب ..!
 
خِتامَآ ؛ ألمبعوث ألأممي أللبناني غسان سلامة لا يراوح مكانه هو على قناعة إنالتدخل الأجنبي خلقحلقة مفرغةمنالعنف في ليبيا حيث تعصف النزاعاتمنذ انتفاضة عام 2011 فألحل ألأمني هو ألبِدايَةً أو يكاد لَكن مواجَهَة مرتزقة ألإرهاب أمر لا مناص منه ..
مِما لا شك فيه أن موسكو و أنقرة هما مركزي ألجذب ألعام Gravitation أما ألبقية فليسوا أكثر من حلقات ألغبار ألصحراوي تتجمع Planetary Rings أو تدور حول ألكويكب ألليبي ؛ إذ أن ألتوصل إلى حل سياسي يتناسب مع ألجميع كل وفق مصالحه ألإستراتيجية تدعمه ألأطراف ألإقليمية في تموضعها ألجيوسياسي من ألصعوبة بمكان حتى إشعار آخر ، إذ لا شيء يجمعهم سوى تناتش ألكعكة ألليبية ألدسمة دون أي إعتبار لمصالح ألشعب على تعدد شرائحه ألإجتماعية ، ألقبائلية و ألإثنية ..
 
بيروت في 25.01.2020
*عميد ، كاتب و باحث.