الصمَمْ في آدابِ الأُممْ..

 

بِقَلَم ألْعَميد مُنْذِر ألأيوبي*

 

تَمتازُ ألأمََم و ألشُعوب بحواسٍ فائِقَةُ ألحَساسيةٍ لا سيما حَاسَة ألسَمَع فَهي مُهِمةٌ جِدآ لتلَقي أخبار الدولة و سياسييها و بَرلُمانييها و ألمسؤولين ، إضافةً إلى ألأنباء ألإقتصادية و ألمَعيشية … كما يَتَصدر ألمَشهد ألعام دائمآ ألأخبار ألإجتماعية و ألإنتِقادات سَواء ألجَدية ألهادفة أو ألهزليةُ ألساخرة لا سيما بوجود وسائل ألتواصل ألإجتماعي إضافة لِلنُكات و ألقَفشات …

كُلُ ذلك يوحي رُبما بمدى حَيوية ألشعوب و إهتمام ألمواطنين بما يجري و إرتباطهم بواقعهم …
وَ بِغَض ألنظر عن أمراض حاسة ألسَمَع ألمُتَنَوِعَة “ألصَمَم ألتوصيلي و ألصَمم ألحسي ألعصبي إلخ”
التي هي من إختصاص ألأطباء ،، فإن ألإصابة بالصَمَم ألإرادي Voluntary Deafness يُعَدُ كارثيآ ،،
هذا ألصَمَم ألإرادي سادَ شَعبنا و تَسَيَد و تَفَشى في وَطننا لا بل هو “صُنع في لبنان” !!

بألتأكيد إن مُعظم ألشَعب أللبناني أو ما تَبقَى مِنه مُقيمَآ مُرغمآ ، باتَ مُصابآ بالصَمم ألإرادي لَيس لضعفٍ بيولوجيٍ في ألسمع أو خَطَأٌ فيزيائيٌ في إنتشار ألصوت بل عن تَجاهُلٍ مُسبَق و تَصور عَمدآ و تَصميمٍ مُؤكَد .!!
فألعوارِض كَألقَوارِض تَنشُرُ ألمَرَضَ بِنَهَم غامِض ،، شبيهة بألنَبَض ألصَمَمي مُزمنةٌ مُؤبَدَة ؛ ألبَلَد في حالة إنهيارٍ تامٍ ، ألخَزينة فارغة إلا من صُكوك ألدين التي سُميَت تَأدُبَآ سنَدات ألخزينة ، ألليرة تَخشى على نَفْسَها سقوطها و تُكابِر إذلالها ، ألفَسادُ في فَلسَفَةِ ألإفسادِ مُبْتَدأًٌ مَبنيٌ على خَبَرِ ألشَطارة و “ألمال ألداشِر يُعَلم ألناس ألحرام” ، ترهلٌ في ألمؤسساتِ ضامِنَةً و مَضمونَةً ، عامَةٌ و خاصَةٌ كَمُعظَمِ موظفيها من فئة ألبطون ألمُكَرَشَة ، طَبابة مَعدومة أو تكاد ، أدويةٌ فاسِدَةٌ مُهَرَبَةٌ غَيرُ قاتِلةٍ على أمَل ، نفاياتٌ إستوطَنَت ألشوارع و ألبلدات بِراحة ، كسارات و مرامِل مُجرمة على مَدِ ألنظر ، كهرباء تُشرع ألمولدات و تضبطها بعدادتِ رَشوةٍ دقيقة ، مياه ملوثةٌ مُوحِلَةٌ قَذِرَة ، أطعِمَة مُسرطَنة وِفقَ ألألوان و ألأنواع ، مَجاريرٌ أُقفلَت بِباطونٍ أسودٍ ضاع فيها ألفَاعل و صَمَتَ ألمَفعول بِهِ … إلخ

يأِسَ ألمواطن مِنَ يَأسِهِ “مَا لِحُرحٍ بِمَيِتٍ إيلامُ” ،، فَلَم يَعُد يَسمَع إلى أن تَصَمَغَت أذناه Gum Ear و تَلاشى ألسَمَع لِقلَة ألإستعمال ،، أما بعض  مَسؤوليه فَ “أداروا ألأذن ألطَرشاء” كما يَقولون ثم تَمَيزوا وَ تَرَّقوا بإدارتهم ألأذنتين معآ !!

لم تَعُد تنفعهُ ألسُترات ألصفراء إن وُجِدَت ، و لا ألشعارت ألرنانة أو ألثورية ألرائجة “ألشعب يريد إسقاط ألنظام” مثلآ … كما سَقَطَ من قواميسِهِ كُل ألأفكار ألعَاصِفة ألطامِحة و ألحالِمَة فَإنحَسَر ألتضامُن ألإجتماعي ألوطني ثُمَ أسْتُبدِلَ بِتضامن طائفيٍ مَذهَبي عاهِرٍ دون حَياءٍ أو خَجَل ،، و إذ لَجأ بعض العباقرة إلى مؤتَمَرات ألإستِدانة فَليسَ ألهَدَف إنقاذُ وَطَن بل إستدانة مَهولَةٌ – هَيوليَةٌ “بِفتحِ ألهاء و ضَم ألياء” تَعني ألأصل و ألمادة وفقَ “أرسطو” – قَبلَ طَرحِهِ في ألمَزاد ألعَلَني بإنتظار تَفليسَةُ تَسهيلاتٍ تُدفَعُ بالتوالي أقساطآ مُؤجَلَة توطينآ و لجوءآ و إستيطانآ ، في إنفجارٍ ديموغرافي يُسْقِطُ عنا جواز ألسَفَر …

عِلميَآ ، ألمَوجات ألصَوتية توازي في سرعتها ١٢٢٤ كلم في ألساعة ، و تُصَنَف طِبقآ لِتَردداتها إلى مَوجاتٍ فوق صوتية و موجاتٍ دون صوتية ، أما نحنُ بِما فينا و مَن عَلينا ففي خَواءٍ دائِم دونَ هَواءٍ ناقِل ، في حالةِ ألصَمَم ألمُطلَق …

بما أن ألقول بالقولِ يُذْكَر ؛ فقد قال ألمتنبي يَومَآ في ثَورَتِه على صَاحِب مِصرَ “كافور ألأخشيدي” أن “كلماته أسْمَعَت مَن بِهِ صَمَم” وا أسفاه ، نَحتاجُ ألفَ ألفَ مُتَنَبي …