رؤساء وشخصيات يؤبِّنون السبسي ..والناصر ينعى رفيق دربه: ترك في النضال أثراً لا يمحى وبصمات لا تحصى

“الدنيا نيوز” – خاص

بكلمات مؤثّرة أبّن رئيس الجمهورية المؤقّت محمّد الناصر اليوم السبت رفيق دربه ورئيس الجمهورية الراحل محمّد الباجي قايد السبسي الذي وافته المنية صباح الخميس الماضي.
وبتحسّر كبير استعرض محمّد الناصر خلال موكب التأبين الذي جرى بقصر قرطاج بحضور عدد من قادة دول شقيقة وصديقة وممثلي منظمات دولية وإقليمية، إلى جانب عائلة الفقيد وثلة من الشخصيات الوطنيّة وممثلي الأحزاب والمنظمات مسيرة الراحل الذي توفي في عيد الجمهورية التي قضى حياته ” في خدمتها وصيانة مكاسبها والدفاع الدفاع عن قيمها”.

وذكّر بأنّ قايد السبسي قد ناضل وهو في عنفوان الشباب صلب الحركة الوطنية الدستورية بقيادة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وكان من اقرب مساعدي الزعيم في أحلك الفترات التي رافقت استقلال البلاد 1956 مبيّنا أنّ التزامه الوطني كان خلال بناء الدولة الوطنية محركا لأعماله خاصة في مختلف المسؤوليتات التي تقلدها كوزير للداخلية وللخارجية وللدفاع الوطني ثم رئيسا لمجلس النواب.
ولفت إلى أنّ الفقيد قد تحمّل “المسؤوليات الكبرى في الدولة ليترك فيها أثرا لا يمحي وبصمات لا تحصى في نضال متواصل من أجل ترسيخ قيم الحرية وعلوية القانون وهيبة الدولة” مبيّنا أنّ قايد السبسي كان رجل دولة بامتياز ونصيرا متحمسا لمبادئ الديمقراطية في الحياة الحزبية والسياسية في تونس منذ مطلع السبعينات.


وأكّد انّ الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي نجح بعد الثورة وإثر ترؤّسه للحكومة شهر فيفري 2011 نجح في تأمين الانتقال الديمقراطي وفي استقرار البلاد وتنظيم أول انتخابات حرة ديمقراطية وشفافة في تونس رغم الانقسامات والتجاذبات السياسة والاحتجاجات الإجتماعية التي كانت تشهدها البلاد.
وقال انّ الفقيد “واصل تمسّكه بالعدل والعمل على استكمال المسار الديمقراطي بنفس الروح الوطنية إثر انتخابه كأول رئيس للجمهورية الثانية وكان حريصا على نجاح الخيار الديمقراطي وحريصا ان يكون الوفاق الوطني محركا لهذا الخيار” مضيفا أنّ الرئيس الراحل قايد السبسي نجح في إرساء التوافق السياسي بالبلاد بعد انتخابات 2011 وأحدث تعديلا إيجابي في المشهد السياسي .
وذكر محمد الناصر ان فترة رئاسته كانت زاخرة بمبادئ الوفاء والحوار الاجتماعي وهي نظرة شاركه فيها وعلى اساسها عملا معا طوال سنين مؤكّدا أنّ الرئيس الراحل كان “مهندس الوفاء في الوطن ومناصرا لوحدة الصف الوطني المبني على الحوار في البلاد منذ 2014″.
واشار الى انه كان والرئيس الراحل قايد السبسي رفاق درب وأنهما ناضلا معا في الحزب الدستوري وانتسبا الى مدرسة الزعيم الحبيب بورقيبة وتقلّدا الوزارة في عديد الحكومات وعملا معا في الحكومة التي ترأسها الباجي قايد السبسي بعد الثورة وشاركا في بناء حزب نداء تونس لينتصرا معا في انتخابات 2014 لتسوقه الأقدار اليوم بترؤّسه للدولة لإتمام مشوار رفيقه في خدمة الوطن وخدمة الشعب.
واختتم الناصر كلمته بالقول ” غيابك خسارة للوطن سوف تبقى معنا رمزا وقدوة”.
واثر ذلك احيلت الكلمة خلال هذا الموكب الى عدد من رؤساء وقادة الدول الشقيقة والصديقة لتقديم تعازيهم في وفاة الرئيس الراحل الباجي قادية السبسي.

الى ذلك، استعرض عدد من قادة الدول الشقيقة والصديقة الذين حضروا موكب تابين الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي ، في كلمات مؤثرة، ألقوها بقصر قرطاج، حول مناقبية الفقيد وخصاله والدور البارز الذي اضطلع به لإنجاح المسار الديمقراطي بالبلاد، متقدمين بأخلص عبارات التعزية لأفراد عائلته وللحكومة والشعب التونسيين.
فقد اعتبر الرئيس المؤقت لجمهورية الجزائر عبد القادر بن صالح، أن وفاة الباجي قايد السبسي “خسارة لتونس وللجزائر وللأمتين العربية والإسلامية، ولكافة المحبين للسلام في العالم”، مذكرا بمناصرة الفقيد للقضية الجزائرية قبل الاستقلال، وسعيه الدؤوب من أجل تمتين العلاقات بين البلدين الشقيقين.
وأضاف أن قايد السبسي، الذي ربطته به صلة قديمة والتقاه مؤخرا بعد خروجه من المستشفى، “كان رجلا مدافعا عن وطنه وعن الحق والعدالة”، معربا عن قناعته في قدرة الشعب التونسي على مواصلة المسيرة التي رسمها له الباجي قايد السبسي.
من جهته، اعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، “أن الزعيم المناضل والأخ والصديق الراحل الباجي قايد السبسي هو فقيد فلسطين والأمتين العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء، فضلا عن كونه فقيد تونس التي حماها وحافظ على استقرارها وديمقراطيتها في أحلك الظروف”.
وتقدم بخالص تعازيه إلى عائلة الفقيد والشعب التونسي “في وفاة الشقيق الحميم والعظيم”، مؤكدا أن الشعب التونسي قادر على المحافظة على الإرث الوطني الكبير الذي أرساه الزعيمان الحبيب بورقيبة رائد الواقعية السياسية في التاريخ المعاصر وخليفته الراحل الباجي قايد السبسي.
أما رئيس المجلس الرّئاسي بحكومة الوفاق الوطني الليبية فايز مصطفى السراج، فقد تقدم إلى أفراد الشعب التونسي بأحر التعازي وأصدق عبارات المواساة في فقيد الأمة العربية والإسلامية الباجي قايد السبسي، مستحضرا كلمته الشهيرة التي ما انفك يكررها على مسامعه كلما إلتقاه “نحن (تونس وليبيا) شعب واحد في بلدين”.
وعدد مناقب الرئيس الفقيد، الذي مثل “نموذجا للإصرار والمواجهة والتحدي في كل الميادين وفي مختلف الأوقات”، مشيرا إلى أنه “أفنى حياته في سبيل إعلاء شأن شعبه وأمته، وامتلك بالإضافة إلى القدرات الفكرية والسياسية الباهرة مرونة دبلوماسية مدهشة، صقلتها المحن والتجارب والخبرات، لتشكل شخصية ذات ملامح ومكونات متكاملة، توجت بكاريزما ذاتية وحضور لافت لا يختلف في تميزها أحد”.
وأضاف أن تونس “فقدت رمزا من أعظم رموزها في العصر الحديث، باعتباره أنجز سبقا في تغيير مسار تونس الحضاري والإنساني، وفي إعادتها إلى قاطرة الحياة من جديد، وفي إعادة برمجة موقعها الطبيعي صلب الأمة العربية والإسلامية”.


من جانبه، قدم رئيس جمهورية البرتغال مارتشيلو ريبلو دي سوزا، باسمه ونيابة عن شعب بلاده، تعازيه الحارة لعائلة الفقيد والشعب التونسي “لفقدانهما رجلا صنع التاريخ وغير مساره”، مؤكدا أنه شخصية تستحق تقدير واحترام الجميع.
كما نوه رئيس جمهورية مالطا جورج فيلا، بعلاقات الصداقة التي جمعت البلدين الصديقين منذ القديم، معتبرا أن منطقة المتوسط “خسرت رجلا وسياسيا متميزا”. وأبرز الدور المهم الذي لعبه الفقيد في الحياة السياسية في تونس في السنوات الأخيرة، مؤكدا أنه قدم لها كل ما في وسعه من أجل إنجاح انتقالها الديمقراطي وإعدادها لانتخابات ديمقراطية ونزيهة.
وتقدم ملك اسبانيا فيليب السادس بأخلص تعازيه إلى عائلة الفقيد والشعب التونسي، مصرحا بأنه يقاسمهم الحزن في فقدان رجل وهب حياته لخدمة بلاده، وترك أثرا كبيرا بفضل التزامه بإرساء الديمقراطية وتحقيق ازدهار تونس.
وأكد التزام اسبانيا بالوقوف إلى جانب تونس في هذا الظرف العصيب، واستمرارها في العمل من أجل أن جعل المتوسط فضاء مشتركا للسلام والازدهار والاستقرار.
أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فقد عبر عن إعجابه بمناخ الطمأنينة والأمن الذي تعيشه البلاد بعد وفاة رئيسها المحبوب، رغم مناخ الحزن والأسى الذي يخيم عليها، مؤكدا أنه تعلم من قايد السبسي الكثير من القيم الوطنية والدولية وكذلك الشأن بالنسبة الى كل من رافقه، نظرا لما كان يتحلى به من حكمة وتبصر وبعد نظر في مواجهة التحديات وتجاوز المراحل الدقيقة التي واجهتها البلاد بعد إندلاع الثورة.
كما ثمن الدور البارز الذي اضطلع به الرئيس الراحل لحل الأزمة الليبية في كنف الحوار بين مختلف الفرقاء، قصد تجنب التدخل الأجنبي أو الحل العسكري في فض الخلاف، إيمانا منه بمبدأ الجوار ووحدة المصير في المنطقة، فضلا عن حرصه على إحتضان تونس لاشغال القمة الفرنكفونية السنة القادمة، مبرزا أهمية الإجراءات والقرارات الثورية التي كان أقرها لا سيما لفائدة المرأة التونسية، وفي مقدمتها قانون المساواة في الأرث، ومشيدا ببسالته في الوقوف في وجه ظاهرة الإرهاب.
تجدر الإشارة، إلى أنه عقب إلقاء كلمات قادة الدول الشقيقة والصديقة تم عزف نشيد الموتى وتقديم التعازي لعائلة الفقيد.
وقد وضع جثمان الفقيد وسط القاعة الكبرى بقصر قرطاج، بعد أن تمت تغطيته بالراية الوطنية ووضعت عليه الأوسمة التي تلقاها طيلة مسيرته السياسية.
وتم إثر موكب تأبين الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، نقل جثمانه إلى مثواه الأخير ليوارى الثرى بمقبرة الجلاز بالعاصمة، في موكب عسكري خاشع ومهيب تتقدمه فرقة الخيالة.
وكان قد تم إخراج جثمان الرئيس الفقيد من قصر قرطاج، على أكتاف ثلة من الضباط من الجيوش الثلاثة، لوضعه على مجرورة عسكرية على متنتها مجموعة من الضباط العسكريين، وموشحة بالراية الوطنية وبإكليل من الزهور.
عدل.