البطاقة التمويلية … كم سيستمر الإنهيار؟

بقلم : توفيق شومان
عرف اللبنانيون كراتين الإعاشة ، بعيد اندلاع الحرب في عام 1975، فبعدما تقطعت الطرقات وانقطعت الأعمال وفقد الناس أشغالهم وأبواب أرزاقهم ، وعلا تذمر الأكثرية الصامتة على واقع الحال المشين ، ارتأت القوى السياسية في توزيع الإعاشات على الناس بطاقة لشراء الصمت وبطاقة لإسكات الناس بأكياس الطحين ومعلبات الحبوب وقوارير الزيت .
كانت القوى السياسية تقول للناس ومن غيرأن تنطق بقولها أو تجهر: اقبلوا بالإعاشات وتكيفوا مع الحرب .
القوى السياسية ، كانت تعي أنها ذاهبة إلى حرب مديدة ، ولكن الناس كانوا ينظرون إلى أكياس الطحين ، لا شأن لهم بالحرب ، أكثرهم ينبذها ولا يريدها ، وبما أن الحرب وقعت عليهم ، فقد وقعوا أمام ” رفضين ” ، رفض الحرب ورفض الإعاشة ، ولكن ليس باليد حيلة ، فماذا عساهم يفعلون ؟ ارتضوا بالإعاشة وبالعيش المر .
ما كان بمقدور الناس أن يقولوا لا لأكياس الطحين ، فقولهم أو رفضهم لا يوقفان الحرب ، فارتضوا بطحين الإعاشات ، وأما القوى السياسية فقد كانت تدرك ما تفعل وما تريد وما تهدف وتستهدف ، فالحرب واقعة واقعة ومستمرة مستمرة ، ومن لا يأخذ الطحين فهو في خسران مبين ، بل في ” خسرانين ” : خسران وقوعه تحت حراب الحرب ، وخسران إعاشات الطحين والأجبان البلغارية وعلب الحليب والشاي .
أيها الناس : تعايشوا مع الحرب
تلك كانت كلمة السر التي لم تنطق بها القوى السياسية
ما أشبه ذل الأمس بذل اليوم
ما أشبه إعاشات الأمس بإعاشات البطاقة التمويلية اليوم
ما أشبه كلمة السر الراحلة بكلمة السر الحالية : أيها الناس : تعايشوا مع الإنهيار .
قبل 46 سنة قالت القوى السياسية للناس : خذوا الإعاشات فالحرب طويلة
بعد 46 سنة تقول القوى السياسية للناس : خذوا البطاقة التمويلية فالإنهيار طويل .
لم يكن لدى القوى السياسية قراربوقف الحرب قبل 46 سنة ، وليس لدى القوى السياسية قرار بوقف الإنهيار الحاصل بعد 46 سنة .
ذهبت القوة السياسية بكامل ” قواها العقلية ” إلى الحرب عام 1975، ودفعت القوى السياسية بكامل إرادتها البلاد إلى الإنهيار عام 2019.
لم تتخذ القوى السياسية أية خطوة جدية لوقف الحرب بعد عام 1975، ولذلك استمرت الحرب خمس عشرة سنة ، ولم تتخذ القوى السياسية أية خطوة جدية لوقف الإنهيار المالي والإقتصادي منذ عام 2019 ، كل ما تفعله القوى السياسية أن كل طرف يحمل الطرف الآخر مسؤولية الإنهيار ، ويلعنه ويشتمه ، تماما كما كان كل طرف في القوى السياسية بعد اشتعال حرب العام 1975، يحمل غيره أوزار الحرب وويلاتها ، وينهال كل واحد منها على الآخر باللعنات والإتهامات والموبقات .
عنت الإعاشات خلال سنوات الحرب أن الحرب مستمرة
تعني البطاقة التمويلية خلال سنتنين من الإنهيار أن الإنهيار مستمر
لا تلعنوا الحرب ، فهي قدركم ، خذوا الإعاشات ، فهي قدركم ، هكذا قال السياسيون حين رموا الناس في لظى الحرب
لا تلعنوا الإنهيار ، فهو قدركم ، خذوا البطاقات التمويلية ، فهي قدركم ، هكذا يقول السياسيون بعدما رموا الناس في لظى الإنهيار
ما الفرق بين لظى ولظى ؟
ما الفرق بين كرتونة إعاشة وبطاقة تمويلية ؟
لا فرق ، بل يجمعهما جامع الذل ، ويجمعهما الإستعطاء الوضيع ، ويجمعهما الإستجداء المهين ، و يجمعهما مد اليد الشحاذة والمتسولة التي تخنع أمام قنينة زيت ، ولا تجدها إلا في خنوعها وخضوعها ومذلتها ومهانتها .
ما أتعسنا نحن اللبنانيين ، حين نخرج من حرب إلى انهيار
ما أتعسنا نحن اللبنانيين ، حين نعيش مرة على إعاشة ، ومرة على بطاقة تمويلية
ما أتعسنا نحن اللبنانيين ، حين يحولوننا شحاذين ويشحذون علينا .
يتحدثون في زمن الإنهيار عن ” إنجاز” إسمه البطاقة التمويلية ، ويفاخرون بذلك ، كما كانوا يفاخرون في زمن الحرب ب ” إنجاز” كراتين الإعاشات و” بونات” المحروقات .
يفاخرون ب ” إنجاز” البطاقة القائل بصراخه وضجيجه ومن دون نطق ولفظ ، بأنهم لا يملكون خططا ولا برامج للخروج من الإنهيار .
حين كانوا يوزعون الإعاشات ، كانوا يقولون إن الحرب طويلة .
حين يتحدثون عن البطاقات التمويلية ، يقولون : إن الإنهيارطويل .
استمرت الحرب خمس عشرة سنة ، كم سيستمر الإنهيار ؟
مضت سنتان من عمر الإنهيار
تعالوا نعد معا …
…………………………………………………………….
عرف اللبنانيون كراتين الإعاشة ، بعيد اندلاع الحرب في عام 1975، فبعدما تقطعت الطرقات وانقطعت الأعمال وفقد الناس أشغالهم وأبواب أرزاقهم ، وعلا تذمر الأكثرية الصامتة على واقع الحال المشين ، ارتأت القوى السياسية في توزيع الإعاشات على الناس بطاقة لشراء الصمت وبطاقة لإسكات الناس بأكياس الطحين ومعلبات الحبوب وقوارير الزيت .
كانت القوى السياسية تقول للناس ومن غيرأن تنطق بقولها أو تجهر: اقبلوا بالإعاشات وتكيفوا مع الحرب .
القوى السياسية ، كانت تعي أنها ذاهبة إلى حرب مديدة ، ولكن الناس كانوا ينظرون إلى أكياس الطحين ، لا شأن لهم بالحرب ، أكثرهم ينبذها ولا يريدها ، وبما أن الحرب وقعت عليهم ، فقد وقعوا أمام ” رفضين ” ، رفض الحرب ورفض الإعاشة ، ولكن ليس باليد حيلة ، فماذا عساهم يفعلون ؟ ارتضوا بالإعاشة وبالعيش المر .
ما كان بمقدور الناس أن يقولوا لا لأكياس الطحين ، فقولهم أو رفضهم لا يوقفان الحرب ، فارتضوا بطحين الإعاشات ، وأما القوى السياسية فقد كانت تدرك ما تفعل وما تريد وما تهدف وتستهدف ، فالحرب واقعة واقعة ومستمرة مستمرة ، ومن لا يأخذ الطحين فهو في خسران مبين ، بل في ” خسرانين ” : خسران وقوعه تحت حراب الحرب ، وخسران إعاشات الطحين والأجبان البلغارية وعلب الحليب والشاي .
أيها الناس : تعايشوا مع الحرب
تلك كانت كلمة السر التي لم تنطق بها القوى السياسية
ما أشبه ذل الأمس بذل اليوم
ما أشبه إعاشات الأمس بإعاشات البطاقة التمويلية اليوم
ما أشبه كلمة السر الراحلة بكلمة السر الحالية : أيها الناس : تعايشوا مع الإنهيار .
قبل 46 سنة قالت القوى السياسية للناس : خذوا الإعاشات فالحرب طويلة
بعد 46 سنة تقول القوى السياسية للناس : خذوا البطاقة التمويلية فالإنهيار طويل .
لم يكن لدى القوى السياسية قراربوقف الحرب قبل 46 سنة ، وليس لدى القوى السياسية قرار بوقف الإنهيار الحاصل بعد 46 سنة .
ذهبت القوة السياسية بكامل ” قواها العقلية ” إلى الحرب عام 1975، ودفعت القوى السياسية بكامل إرادتها البلاد إلى الإنهيار عام 2019.
لم تتخذ القوى السياسية أية خطوة جدية لوقف الحرب بعد عام 1975، ولذلك استمرت الحرب خمس عشرة سنة ، ولم تتخذ القوى السياسية أية خطوة جدية لوقف الإنهيار المالي والإقتصادي منذ عام 2019 ، كل ما تفعله القوى السياسية أن كل طرف يحمل الطرف الآخر مسؤولية الإنهيار ، ويلعنه ويشتمه ، تماما كما كان كل طرف في القوى السياسية بعد اشتعال حرب العام 1975، يحمل غيره أوزار الحرب وويلاتها ، وينهال كل واحد منها على الآخر باللعنات والإتهامات والموبقات .
عنت الإعاشات خلال سنوات الحرب أن الحرب مستمرة
تعني البطاقة التمويلية خلال سنتنين من الإنهيار أن الإنهيار مستمر
لا تلعنوا الحرب ، فهي قدركم ، خذوا الإعاشات ، فهي قدركم ، هكذا قال السياسيون حين رموا الناس في لظى الحرب
لا تلعنوا الإنهيار ، فهو قدركم ، خذوا البطاقات التمويلية ، فهي قدركم ، هكذا يقول السياسيون بعدما رموا الناس في لظى الإنهيار
ما الفرق بين لظى ولظى ؟
ما الفرق بين كرتونة إعاشة وبطاقة تمويلية ؟
لا فرق ، بل يجمعهما جامع الذل ، ويجمعهما الإستعطاء الوضيع ، ويجمعهما الإستجداء المهين ، و يجمعهما مد اليد الشحاذة والمتسولة التي تخنع أمام قنينة زيت ، ولا تجدها إلا في خنوعها وخضوعها ومذلتها ومهانتها .
ما أتعسنا نحن اللبنانيين ، حين نخرج من حرب إلى انهيار
ما أتعسنا نحن اللبنانيين ، حين نعيش مرة على إعاشة ، ومرة على بطاقة تمويلية
ما أتعسنا نحن اللبنانيين ، حين يحولوننا شحاذين ويشحذون علينا .
يتحدثون في زمن الإنهيار عن ” إنجاز” إسمه البطاقة التمويلية ، ويفاخرون بذلك ، كما كانوا يفاخرون في زمن الحرب ب ” إنجاز” كراتين الإعاشات و” بونات” المحروقات .
يفاخرون ب ” إنجاز” البطاقة القائل بصراخه وضجيجه ومن دون نطق ولفظ ، بأنهم لا يملكون خططا ولا برامج للخروج من الإنهيار .
حين كانوا يوزعون الإعاشات ، كانوا يقولون إن الحرب طويلة .
حين يتحدثون عن البطاقات التمويلية ، يقولون : إن الإنهيارطويل .
استمرت الحرب خمس عشرة سنة ، كم سيستمر الإنهيار ؟
مضت سنتان من عمر الإنهيار
تعالوا نعد معا …
…………………………………………………………….