أرمينيا، جمهورية دون حدود ..!

بقلم ألْعَميد منذر ألأيوبي*
لم يستطع ألمنتصرون يومآ أن يكتبوا التاريخ  وحدهم ،، فألحقيقة لا يمكن إخفاؤها بِنصال ألسيوف و لا في ظلال أقواس ألنصر ، كما أن دماء ألشهداء ليست حبرآ يُمحى من على صفحات ألوجود ..!
مليون و نصف إنسان أرمني قتلوا في إبادة جماعية Medz Yeghern – Genocide ممنهجة متعمدة هي ألأكبر في ألتاريخ ألحديث نفذها جيش ألسلطنة ألعثمانية في حينه بكل دم بارد …
بدأت ألمجزرة عام 1915 و إستمرت أثناء ألحرب ألعالمية ألأولى ، تبعها فرض أعمال ألسخرة على ألمثقفين ألأرمن و ألمعتقلين ، تزامنت مع عمليات إبعاد و ترحيل قسري إلى ألصحراء آلسورية حيث لقي مئات الآلاف حتفهم بسبب ألجوع و ألعطش و ألأمراض قبل وصولهم إلى مخيمات لجوء أُعِدت لهم ، ترافقت هذه ألمأساة مع إستيلاء ألأتراك على ألأملاك ألأرمنية ألعامة و ألخاصة و ألأعمال ألفنية و كذلك هدم ألمنازل و ألآثار من كنائس و مزارات و مواقع أثرية تاريخية ضمن سياسة تهجير و تغيير ديموغرافي همجي تمادت لتطال ألأقليات ألمسيحية من أشوريين Assyrian و يونانيين بنطيين Greek Pontifical و غيرهم …
ليست هذه ألمقاربة من باب نكء ألجراح ، إنما هي حقيقة تاريخية لا يمكن إنكارها لا زالت ألسلطات ألتركية تتجاهلها عمدآ رغم إعتراف ألمؤسسات و ألمنظمات ألدولية و ألمجتمع ألأممي بما حصل .
إن ألإعتراف بهذه ألإبادة ألجريمة ألمتمادية و ببشاعتها ربما تكون أولى خطوات ألمصالحة يومآ ما بعيدآ عن طوباوية لا تدخل في معاجم علم ألسياسة و إستراتيجيات ألدول …
في هذا ألسياق سُجِلَ عام 1948 موافقة و مصادقة الأمم المتحدة على “اتفاقية منع جرائم الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها”، كما جاء إعتراف ألعديد من دول ألعالم بهذه ألمجازر و إستنكارها وثيقة إثبات تاريخية في وجه إنكارها …
من جهة أخرى ، و بغض ألنَظَر عن ألطموحات ألتركية ألجيو سياسية – سياسة ألتَتريك – لا يمكن إعتبار سعي ألشَعب أو ألمجتمع ألأرمني ألجماعة ألعرقية ألمتميزة لمزيد من ألإستقلال و ألحكم ألذاتي عن ألسلطنة ألعثمانية مبررآ لإرتكاب هذه ألجرائم ، إذ أن هذا ألأمر من صلب صيرورة ألشعوب و جهودها للتحرر و ألإستقلال …
شَكل إنهيار ألإتحاد ألسوفياتي عام 1991 مفصلآ رئيسيآ لإستعادة جمهورية أرمينيا إستقلالها ، و رغم ألعقبات ألمتعددة و ألصعوبات ألإقتصادية ألتي مرت بها ألدَولَة ألوليدة إلا أنها تمكنت بإدارتها و إرادة شَعبها من ألتحول إلى إقتصاد ألسوق كما نجحت في نسج علاقات حسن جوار ودية لا سيما مع روسيا ألإتحادية و إيران ألإسلامية ….
بِألتَوازي تمكن ألشتات ألأرمني “ألجاليات” ألبالغ عديده حوالي سبعة ملايين نسمة من ألإنخراط في مجتمعات ألدول ألمضيفة و ألولاء لها ، إضافة إلى تشبثه بقوميته ألثابتة و حضارته ألمشعة و لغته ألأرمنية ألضاربة جذورها في ألتاريخ منذ قرون ….
خِتامَآ ،، في ألذكرى ألرابعة بعد ألمئة “24.04.2015” ليوم لطخ جبين ألبشرية بألدماء و ألدموع ..
لا بد من ألقول أن  ألشتات ألأرمني Diaspora هو جمهورية دون حدود ، ما حل ببلد إلا و زرع فيه قيم ألخير و ألحُب ، ألولاء و ألسَلام ، هكذا تقول وقائع ألسنين ، فألتاريخ لا يكتبه ألمنتصرون دائمآ إنما ألحق و ألحقيقة …
بيروت في 29.04.2019