أدلة صغيرة ساهمت في كشف ملابسات جرائم قتل معقدة

 

“الدنيا نيوز”- دانيا يوسف

إن حل جرائم القتل ليس بالبساطة التي نراها على شاشات التلفاز، فهي أكثر صعوبة من العثور على بعض الأدلة الغامضة ودراستها وفحصها وانتظار النتائج، حتى أن حل ملابسات بعض الجرائم المعقدة قد يستلزم سنوات دون نجاح يذكر، ولكن في بعض الحالات يمكن لدليل صغير تُرك في مسرح الجريمة أن يساعد المحققين على حلها، سنذكر لكم في هذا المقال بعض من أغرب الأشياء التي كانت السبب في حل بعض الجرائم:
1- تم إلقاء القبض عليه بسبب شعرة كلب!
لا يمكننا إنكار حقيقة أن الكلاب هي أفضل الحيوانات الأليفة على الإطلاق، ففي إحدى جرائم القتل تمكن المحققون من القبض على المجرم بسبب شعرة كلب!
في عام 1998، تم العثور على جثة (إليزابيت بالارد) في صحراء نيو مكسيكو ملقاة داخل قبر ضحل، وتبين للمحققين أن من قتلها كان مدركاً تماماً لما يفعله، فقد قام بتنظيف كل شيء من الغرفة التي قتلها فيها إلى صندوق سيارتها، ولكن خطأ واحدًا كان كفيلًا بكشف هويته بعد أن تم العثور على شعرة حيوان أليف داخل جواربها.
تم العثور على هذه الشعرة داخل جوارب (بالارد) وتم إرسالها إلى مختبر في كاليفورنيا مشهور بأجهزته المتطورة في كشف الحمض النووي، تمكن العاملون في المختبر من مطابقة الحمض النووي لكلب يدعى (هرقل) والذي كان صاحبه واحدًا من قاتلي (بالارد)، ولكن مهلاً هل كان الحمض النووي لهذا الكلب مدرج في قواعد البيانات؟ بالطبع لا فنحن نتحدث هنا عن جريمة وقعت في عام 1998، أي أنه لم يكن هناك قاعدة بيانات للحيوانات.
كانت الشرطة تعرف الكلب (هرقل) لأن (بالارد) كانت تجمعها بقاتليها قصة حب ثلاثية مجنونة، وبالطبع قامت الشرطة باستجواب الرجلين ولكنهما أنكرا تورطهما بقتلها، وعندما عثر المحققون على شعر الكلب بدأت الحقيقة تنكشف وتمكنت الشرطة من إدانة الرجلين بقتل هذه الفتاة المسكينة.
2- قطعة صغيرة من البلاستيك ساعدت على حل ملابسات حادثة دهس وهروب:
في آب/أغسطس عام 2000، خرجت (تريسي تومكو) من مدينة (أكرون) في ولاية أوهايو في جولتها الصباحية ولكنها للأسف لم تعد لمنزلها، حيث تم العثور على جثتها ملقاة في بركة بعد أن صدمتها سيارة. عندما عثرت رجال الشرطة على جثتها شعروا بالعجز لأنه لم يكن لديهم أي مشتبه به، فكل ما كان لديهم بعض من شظايا الزجاج المكسور وقطعة بلاستيك صغيرة.
استغرق حل ملابسات هذه القضية من الشرطة وقتاً طويلاً، ولكنهم تمكنوا في نهاية المطاف من تحديد طراز السيارة (فورد تيمبو 1990)، ولحسن الحظ تمكنوا من إلقاء القبض على صاحب هذه السيارة بعد مرور بضع ساعات فقط من معرفة هذه المعلومة الجديدة.
اتضح لاحقاً أن المشتبه به قد قام باستبدال الزجاج الأمامي لسيارته في وقت قريب جداً من وقوع هذا الحادث، ثم قرر الخروج من الولاية، وعند عبوره حدود الولاية لاحظ الضباط أن سيارته تفتقد لقطعة البلاستيك الصغيرة ذاتها التي عُثر عليها في موقع الحادثة، وعندها قرروا إحضاره لاستجوابه، وهناك اعترف بفعلته الشنيعة هذه وحكم عليه بقضاء عشر سنوات في السجن بتهمة القتل غير المتعمد.
أما الآن، وبفضل كاميرات المراقبة والتطور الذي يشهده علم الطب الشرعي، أصبح من السهل إلقاء القبض على أولئك الذين يدهسون الناس ويهربون.
3- ثلاث حبات طلع تلقي الضوء على المكان الذي كانت موجودة فيه إحدى الضحايا:
في عام 2006، تمكن المحققون من حل المزيد من الألغاز حول جريمة قتل عمرها 27 عاماً بفضل ثلاث حبات طلع وُجدت في جيب سروال الضحية المراهقة، إن كنت تعتقد أن الأمر لا يصدق وأنه أشبه بجرائم القتل الخيالية التي نراها على التلفاز فربما لست على اطلاع بالتطورات التي يشهدها علم الطب الشرعي في الآونة الأخيرة.
يقوم أخصائيو الطب الشرعي، ومن بينهم العالم (فون براينت)، بدراسة النباتات لمساعدتهم في حل جرائم القتل، حيث تمكنوا من المساعدة على حل العديد من الجرائم بفضل دراساتهم هذه، ومن بين هذه القضايا هي الجريمة التي ارتُكبت بحق فتاة مراهقة عُثر عليها مقتولة بالرصاص في (كاليدونيا) بنيويورك عام 1979.
تمت الاستعانة بخدمات (براينت) من أجل تحديد هوية الضحية، وهناك عثر على ثلاث حبات طلع من الصنوبر الأسترالي في جيب سروالها ومعطفها، حيث لا يمكن العثور على هذا النوع من حبات الطلع إلا في أريزونا وفلوريدا وساوث كارولينا، تم العثور على الضحية في غرب نيويورك مما يعني أنها إما من أحد هذه الأماكن أو تم نقلها إلى هناك أو ربما القاتل قد زارها.
غير أنه على الرغم من أهمية هذا الاكتشاف، إلا أنه لم يساعدهم على إلقاء القبض على المجرم وحل الجريمة، فحين وقعت الجريمة عثرت الشرطة على رجلين اشتبهت بهما: الأول هو القاتل المتسلسل (أوتيس تول) والآخر هو (هنري لي لوكاس)، وتم التحقيق مع الرجلين ولكن لم يتم القبض عليهما بسبب نقص في الأدلة وانتهى الأمر بموتهما قبل العثور على حبات الطلع.
الخبر السار هو أنه تم التعرف على هوية الضحية أخيراً بمساعدة مجموعة من المتطوعين على الإنترنت الذين يساعدون في حل القضايا القديمة، واتضح أن هذه الفتاة تدعى (تامي ألكسندر) البالغة من العمر 16 عاماً من مدينة (بروكسفيل) في ولاية فلوريدا، وهو مكان يمكنك العثور فيه على الصنوبر الأسترالي.

4- شجرة تحكي لنا قصة تحلل جثة:
جميعنا يعلم أنه من المستحيل إدانة شخص ما بجريمة في حال لم يكن هناك جثة، وهو أمر منطقي جداً فمن الصعب قول ”أنت المسؤول عن موت هذا الشخص“ عندما لا تكون هناك جثة بالأصل.
كانت العلاقة التي تجمع الزوجين (فريد) و(شارلوت) علاقة غريبة وصاخبة، فعندما اختفت (شارلوت) في شهر يوليو عام 1981 اشتبه أطفالها في والدهم. أصبح (فريد) المشتبه به الرئيسي في قضية اختفاء زوجته بعد أن تم العثور على رسالة كتبتها (شارلوت) وخبأتها في صندوق ودائع آمن يُفترض فتحه في حال اختفائها أو موتها، وعند فتحه عثروا على رسالة كتبت فيها: ”إذا لم تجدوني فاعلموا أن فريد فعلها“.
تبين لاحقاً أن الدليل الوحيد على هذه الجريمة هو شجرة علم رجال الشرطة بوجودها بسبب صديقة (فريد) السابقة التي قادتهم إليها، وبعد مرور سنوات على اختفاء (شارلوت) قامت الشرطة بتعقب (فيكي جين مكاليستر) التي اعترفت في نهاية الأمر أنها قد رأت (فريد) يخنق (شارلوت) وقام بحرق جثتها داخل برميل أسفل تلك الشجرة، ثم ألقى برماد جثتها في النهر، عندها توجه فريق من العلماء إلى مسرح الجريمة للبحث عن أدلة تدعم أقوال (فيكي).
وعندما وصل العلماء إلى مسرح الجريمة عثروا على بعض الآثار النفطية التي تسببت بأضرار واضحة للشجرة ذاتها التي أشارت لها (فيكي)، وقد تبين أن هذه الآثار تعود لعام 1981 أي في عام اختفاء (شارلوت)، كان هذا الدليل كافياً للإطاحة بـ(فريد) وإقناع هيئة المحلفين بإرساله إلى السجن لمدة 75 عاماً.
5- تم إلقاء القبض على القاتل بفضل عدسات لاصقة:
في عام 2005 تم العثور على جثة فتاة تدعى (جانيت أبروا) تبلغ من العمر 26 عاماً، وكانت قد توفيت إثر طعنها حتى الموت داخل مكتبها في ولاية (كارولينا الشمالية). وجدها زوجها (رافن) الذي كان قد وصل للمنزل بعد لعب كرة القدم مع أصدقائه، لم يتم العثور على سلاح الجريمة ولم يكن لدى الشرطة أي دليل للبدء في البحث عن القاتل، أي أن ملابسات القضية بقيت غامضة لمدة 10 سنوات تقريباً.
وجهت عائلة (جانيت) أصابع الاتهام نحو زوجها (رافن) بعد أن كانا يمران بخلافات زوجية عديدة، خاصة أنه كان لـ(رافن) علاقات غرامية عديدة في وقت مبكر من زواجهما، وعندما حملت (جانيت) أعربت عن قلقها لعائلتها بشأن تربية الطفل لوحدها، وفي شهر أكتوبر من عام 2004 ولد الطفل ثم قُتلت (جانيت) بعد مرور ستة أشهر على ذلك.
بعد جريمة القتل هذه، هرب (رافن) إلى مدينة (سولت ليك) وتزوج مرة أخرى، الأمر الذي دفع أخوات (جانيت) على التواصل مع زوجته الجديدة وتحذيرها منه، وفي نهاية المطاف انفصل الزوجان عن بعضهما بسبب التعنيف الذي كانت تتعرض له الزوجة من قبل (رافن)، كما أنها شعرت بالذعر بعد سماعها باشتباهه في جريمة قتل زوجته وبدأت تتحدث علانية عن اشتباهها بـ(رافن) وحتى أنها شهدت ضده في المحكمة.
بعد مرور بعض من الوقت، تم تعيين محقق جديد للبحث في القضية وبعد مراجعته لصور مسرح الجريمة لاحظ وجود علبة العدسات اللاصقة مفتوحة على الطاولة، أي أن (جانيت) كانت تضعها عندما توفيت، كان هذا الاكتشاف بغاية الأهمية وخاصة بعد أن زعم (رافن) أن زوجته كانت في السرير تشاهد التلفاز وتستعد للنوم عندما غادر، وكما تعلم لا يمكن لأي شخص النوم وهو يضع عدساته اللاصقة.
قام المحققون باستخراج جثة (جانيت) ووجدوا أنها كانت تضع عدساتها عندما قتلت ودفنت، عندها قاموا بإجراء تجربة عبر وضع نوع العدسات ذاته الذي تضعه (جانيت) على أعين أحد الخنازير وقاموا بدفنه لمعرفة ما إن كانت ستتحلل بالطريقة ذاتها، وكانت طريقة التحلل مشابهة لعدسات (جانيت)، مما يعني أنها كانت تضع العدسات التي وجد المحقق علبتها على الطاولة.
أي أن أقوال (رافن) لم تكن سوى كذب وأنها لم تكن تستعد للنوم عند خروجه للعب الكرة، وفي عام 2013 قبل (رافن) بصفقة الإقرار بالذنب ودخل السجن لبعض الوقت بتهمة القتل غير المتعمد وأطلق سراحه في عيد الميلاد عام 2017.