أحبته ووثقت به وأعطته كل ما تملك لكنه قتلها طمعاً بمالها!

العميد أنور يحيى*

تعمل مي،28 سنة، في شركة لتصنيع الأدوية في الجمهور،عازبة ومتوسطة الجمال.تعرف أليها أحد الشبان من منطقة الجرد في قضاء عاليه،متزوج ولديه ثلاثة أولاد.أختفت مي يوم 28 نيسان 2006 وتقدم أهلها بدعوى جزائية ضد مجهول، مطالبين البحث عنها وكشف مصيرها. أحيلت الدعوى الى الشرطة القضائية حيث تولى العقيد ديب ،أمر المفرزة القضائية،التحقيق بأشراف النيابة العامة الأستئنافية في جبل لبنان، وكلف دورية من مفرزته الأستقصاء والبحث فورا عن الفتاة التي أنقطعت أخبارها وتوقف هاتفها الخليوي عن العمل منذ أختفائها.

بموافقة السلطة العدلية ،تم طلب حركة أتصالات هاتف المفقدوة من شركة MTC .

بتاريخ 7 أيار 2006 ،عثر على جثة فتاة مقتولة تطفو على مجرى مياه في محلة بعلول،البقاع الغربي. أصطحبت دورية الشرطة القضائية شقيق الفتاة مي، وقد تعرف اليها بأنها شقيقته .تم أستدعاء الطبيب الشرعي والادلة الجنائية وتبين أن الوفاة تمت بواسطة خنق المغدورة بقطعة قماش ورميها في مجرى مياه في قناة للري بعرض  متر وعلقت بين عوائق في القناة.

تبين للدورية بأن أتصالات المغدورة كانت تتركز مع رقم هاتفي محدد. وبمراجعة شركة تصنيع الأدوية حيث تعمل المغدورة تبين أنها قبضت راتبها صباح يوم فقدانها وفقد هاتفها الخليوي أيضا. ترك حادث العثور على جثة صونيا مقتولة في جب جنين الأستياء الكبير لدى عائلتها وقد سرت الشائعات بأن أحد سكان تلك المنطقة قد أستدرج الفتاة الدرزية من الجرد ، الى هناك حيث سلبها أموالها وأغتصبها وقتلها.

أطلع العقيد ديب طبيلي قائد الشرطة القضائية، العميد أنور يحي، على المعلومات ودقة الحالة والتوتر الذي يسود منطقة الجرد والخوف من أقدام ذويها على الأنتقام من أبرياء من البقاع. تركز البحث على صاحب رقم الهاتف الحقيقي للذي يتصل بها بأوقات عديدة وربما هناك علاقات غير طبيعية بينهما..

تم الأشتباه بخمسة شبان كانت تشاهد المغدورة برفقتهم في بعض المناسبات،ووتبين بان أحدهم ربيع، متزوج ولديه ثلاثة أولاد، من منطقة الجرد أيضا، كان يكثر من أتصالاته بالمغدورة.أستدعي الى مفرزة بعبدا القضائية حيث أخضع للتحقيق، ضمن عدة أشخاص مشتبه بهم، وتبين أسمه مختلف عما كان عرفها عن اسمه المستخدم، وانه كان يرتبط بعلاقة غرامية مع المغدورة وقد أوهمها بأنه عازب ويعمل سائق تكسي، وينوي الزواج منها، رغم أنه متزوج، وان معتقده يمنع تعدد الزوجات.

وأعترف أنه كان يأخذ منها نصف راتبها الشهري في شركة الأدوية، بحجة تأثيث منزل والتحضير للزواج القريب الذي طال سنتين، لكنه كان يبدد المال على لهوه وشراء المخدرات.كما أعترف بأنه خطط لقتلها والخلاص من الحاحها عليه بسرعة الزواج وفقا لما وعدها به.. بأن يسلبها راتبها الشهري بقيمة مليون ليرة لبنانية هاتفها الخليوي والمجوهرات التي تنقلها حول عنقها وفي يدها. وبالواقع توجه بها بسيارته الخاصة بعد ظهر 28 نيسان 2006 ، وبعد أن قبضت راتبها الشهري ، الى منطقة جب جنين، قرية بعلول، حيث كان يمضي خدمته العسكرية، ضمن برنامج خدمة العلم، بحجة التعرف الى منطقة جديدة وبعد أن مارس معها الجنس، ليؤكد حبه وأشتياقه اليها..أوقف سيارته قرب قناة المياه وخنقها بيديه مستعينا بقميص نزعته عنها وهي بالسيارة،،حتى خارت قواها ولفظت أنفاسها الأخيرة، فسرق هاتفها الخليوي وراتبها الشهري وبعض المجوهرات بحوزتها، ورمى جثتها في قناة للمياة جارية وأقفل عائدا الى بلدته في الجرد.تم تفتيش منزله وعثر على الهاتف العائد للمغدورة في خزانته الخاصة، أما المجوهرات فقد باعها من أحد الصاغة في عاليه، بمبلغ ثلاثماية دولار أميركي وقد تمت أستعادتها..أعلم صديقيه وليد ومجدي بما قام به.. وتابع عمله على التاكسي بصورة طبيعية. تم إخبار النائب العام الأستئنافي في جبل لبنان وقائد الشرطة القضائية اللذين حضرا الى مبنى مفرزة بعبدا القضائية وأستمعا الى أفادة ربيع بدون أي عنف وأكد الافادة المعطاة أمام التحري. أنتقل العقيد طبيلي برفقة ثلاث دوريات من الشرطة القضائية والجاني الى منطقة بعلول ، حيث دل على مكان توقفه لقتل الضحية، وما قام به، وكيف حملها ورمى بها في قناة المياه الجارية، لتعلق الجثة لأصطدامها بمصفاة في القناة.

أعلم ذوو الضحية بالعثور على الجاني وهو ليس من منطقة البقاع الغربي، وأن مي كانت ضحية وحش مفترس مخادع ، أوهمها بالزواج منها قريبا، منتحلاً هوية غير هويته الحقيقية لأخفاء المخطط الدنيء الذي قصده.

أوقف رفيقا المتهم، بجرم التكتم على جريمة جنائية.أما زوجة القاتل فقد سارعت الى الطلاق منه والأحتفاظ بأولادها القاصرين ،بظل تنفيذ والدهم للأشغال الشاقة المؤبدة التي قضي عليه بها لأحقا.

حضر وفد من أهالي المغدورة الى قيادة الشرطة القضائية للشكر على سرعة كشف خفايا أختفاء المغدورة والثناء على جدارة تحري بعبدا ودقتهم بأماطة اللثام عن الجريمة النكراء.

أعلنت شعبة العلاقات العامة في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ببيان عن كشف خفايا أختفاء المغدورة وتوقيف الجاني بفترة قصيرة بحرفية عالية تركت الأرتياح لدى ذوي الفتاة ووفرت حوادث ثأر ربما طالت أبرياء بهذه القضية، كما أصدر قائد الشرطة القضائية تنويها بعمل العقيد ديب والدورية التي تولت التحقيقات الجنائية في المفرزة ،أضافة الى مكافأة مالية الى عناصر الدورية الثلاثة.

في المحصلة، إن قيام رجال التحري بمهامهم كضابطة عدلية متخصصة بالعمل الجزائي ، وبحرفية عالية، بأشراف النيابة العامة ،وسرعة توقيف الجاني،أو المشتبه فيه، يوفر على أبناء المجتمع ثأرات أنتقامية متكررة،ويعزز الثقة بأجهزة الدولة،ويحد من تكرار هذه الجرائم ،طالما أن الجاني ستتم عملية توقيفه بسرعة ليأخذ القصاص الصارم من القضاء الجزائي، فتنخفض نسبة الجرائم ويسود الأمن بين الناس الذين يتطلعون الى مستقبل أمن ومشرق لأولادهم في الوطن الذي يفرغ من شبابه الكفؤ الساعين للهجرة بحثا عن الأستقرار وفرص العمل ومتابعة التحصيل العلمي.

————

*قائد الشرطة القضائية السابق

عرمون في 20/5/2019 .

1