نحن قوم .. أرذالنا ساستنا

 

عباس صالح *

ونحن أيا رعاك الله قومٌ إبتلينا بساستنا وقلَّدْنَا أشرارَنا مقاليد الدولة وتسيير أمورنا فكانت الفاجعة ..

لقد دجَّنونا في قيود طائفية، وقسمونا الى شطائر مذهبية، واستنفروا عصبياتنا وغرائزنا، واستحكموا بقيادنا، ثم ساروا بنا مقيدين نحو حظائرهم وسرنا طائعين…

باتوا الآن يستهزؤون علانية بقدراتنا على التفكير والتمييز، ويسخرون من عقولنا بلا وازع ولا رادع.

يمارسون ألعبانياتهم المكشوفة على الملأ، وكأنهم يلعبون السحر الابيض فوق حلبة “سيرك” وامام جمهور من الزواحف أو الماشية، مع علمهم المسبق بأننا ذوي ألباب وندرك جيداً أنهم يمارسون السحر الأسود.

يدركون بأننا نعرف أنهم يكذبون علينا ويحاولون خداعنا بأساطيرهم المفضوحة، وبأنهم دائما يقتلوننا، ويقتتلون بنا حين تدعو حاجاتهم، وأنهم يسرقون قوتنا، كما سرقوا مقدرات بلادنا وخيرات ارضنا ويسلبوننا جنى أعمارنا، ببرودة ولا مبالاة، ويدفعون بأولادنا الى الهجرات ليعودوا فيسرقون عائداتهم وجنى اعمارهم من جديد، عبر ضرائب يتقاسمونها فيما بينهم من جديد، كما تقاسموا دماءنا وارواحنا!.

والآن يدوسون على كراماتنا، أيا رعاك الله. يتقاسمون أدواراً فاشلة في التمثيل علينا، والتمثيل بعقولنا، عبر التهويل والاثارات وتوجيه العقول إعلامياً نحو أزمة مالية وجودية تهدد كياننا المعتل بساسته، ثم في المقابل يحركون أوسع القطاعات الاجتماعية وأكثرها قابلية وفقراً، ويحرضونهم على الاحتجاجات المرسومة بإتقان ودراية وعلى قطع الطرقات وإذلال الناس، ثم تفريق المحتجين بإشارة، كما بات واضحاً للعيان!!.

وعلى وقع الكلام الكبير، بشأن ما تم تعميمه علينا من أجواء توحي بأننا بتنا على شفير الكارثة الاجتماعية والقومية المتربصة بنا لان مالية الدولة أشرفت على الانهيار، جراء الصرف الخارج عن كل منطق وحدود وعن كل ما يحوطه العقل البشري، من مالية الدولة نتيجة بذخها وعطاءاتها الفائقة للخيال الانساني، وصرفها الكيفي على ما هو غير منتج أصلاً، وإهدار الأموال العامة في محارق العبث والتنفيعات والسرقات..

ها هم يجتمعون على أزيز ما عمموه وهم يقسمون بأغلظ الايمان أنهم لن يخرجوا من اجتماعاتهم قبل “تشحيل” الموازنة العامة من كل صرف كيفي غير مجدي، وإلغاء كل امتياز بلا طائل، ووضع حد لكل صرف تشوبه الشبهات.. وانهم لن يمسوا لقمة الفقير ومدخراته بسوء ليتمخضوا عن بعض قرارات لم تصبح بعد قرارات بالاحتفاظ بكل امتيازاتهم الفاضحة، والتي لا تحتملها حتى خزائن الدول الغنية، والاستعاضة عنها بزيادات على الضرائب كان اولها ضرائب على المودعين في المصارف، وليس على المصارف نفسها، ولعل آخرها سيكون على المحروقات، وما بينهما عشرات الضرائب المستحدثة، التي تمس الفقير بلقمته مباشرة.

بعد كل الضجيج والعجيج، نجح الساسة في الاحتفاظ بامتيازاتهم وامتيازات جوقاتهم ومجالسهم وصناديقهم، وغضُّوا الطرف عن كل أنهار الهدر وابواب السرقات، ولجأوا الى زيادة الضرائب علينا باعتبارنا الحلقة الاضعف، ثم خرجوا ليبيعوننا كلاماً ويمنِّنُوننا من كيسنا، ويربحوننا الجميل بأنهم فرضوا علينا ضرائب جديدة، قبل أن يكذِّب بعضهم البعض الآخر! هؤلاء نماذج منسوخة مُمَثِّلة ومماثلة لقادتنا أيا رعاك الله … يكذبون علينا جهاراً نهاراً ويبيعوننا الأوهام .. ويستثمرون في أمراضنا الاجتماعية !!

ألسنا نستحقهم، وأكثر ؟؟؟

——————/

*كاتب وصحافي