خاص – “الدنيا نيوز”

بقلم : الدكتورة ميرنا داود*
نظرية التعرض الانتقائي (Selective exposure theory) هي نظرية في علم النفس والاتصال تشير إلى أن الأفراد يميلون إلى البحث عن المعلومات التي تؤكد آرائهم ومعتقداتهم الحالية، وتجنب المعلومات التي تتعارض معها. هذا يعني أن الناس يختارون تعرضهم للمعلومات التي تتوافق مع توجهاتهم وآرائهم، مما يعزز ويقوي معتقداتهم الحالية.
تفترض هذه النظرية أن الأفراد يسعون للحفاظ على اتساق معرفي وعاطفي، ويتجنبون المعلومات التي قد تسبب لهم اضطرابًا معرفيًا أو توترًا. يمكن أن يؤدي هذا السلوك إلى تعزيز الانحياز التأكيدي (confirmation bias)، حيث يصبح الأفراد أكثر اقتناعًا بآرائهم دون النظر إلى أدلة متناقضة.
نظرية التعرض الانتقائي لها تأثير كبير على كيفية استهلاك المعلومات في وسائل الإعلام، خاصةً في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يمكن للأفراد تخصيص محتواهم لتجنب التعرض للآراء المخالفة.
مما لا شك فيه ان نظرية التعرض الانتقائي قد تؤثر بشكل كبير على التحليل السياسي. عندما يتعرض المحلل السياسي فقط للمعلومات التي تؤكد آرائه، فقد يفقد الرؤية الواضحة للواقع السياسي، مما قد يؤدي إلى إصدار تحليلات غير دقيقة أو غير كاملة.
على سبيل المثال، إذا كان المحلل يدعم حزبًا معينًا ولا يرى إلا الأخبار التي تدعم هذا الحزب، فقد يصدر تحليلات مبالغ فيها عن قوة هذا الحزب، أو يقلل من شأن الحزب المنافس. هذا قد يؤثر على متخذي القرارات السياسيين الذين يعتمدون على هذه التحليلات.
علاوة على ذلك، التعرض الانتقائي قد يؤدي إلى تعزيز الانحياز التأكيدي، مما يجعل المحلل يفسر كل الأحداث بأنها تؤكد آرائه، حتى لو لم يكن ذلك صحيحًا. هذا يقلل من جودة التحليل السياسي ويؤدي إلى فقدان الثقة فيه.
لذا، من المهم أن يكون المحللون السياسيون على دراية بهذه الظاهرة، وأن يسعوا إلى التعرض لمصادر متنوعة للمعلومات، وأن يفكروا بشكل نقدي.وهذا ينطبق بطبيعة الحال على بعض المحطات الإخبارية .
التعرض الانتقائي يتم من خلال عدة آليات:
١. اختيار المصادر:
يختار الأفراد المصادر الإعلامية أو المواقع الإلكترونية التي تتوافق مع آرائهم ومعتقداتهم.
٢. تجنب المعلومات المتناقضة:
يتجنب الأفراد التعرض للمعلومات التي تتعارض مع آرائهم ومعتقداتهم.
٣. تفسير المعلومات:
يفسر الأفراد المعلومات بطريقة تتوافق مع آرائهم ومعتقداتهم الحالية.
٤. التفاعل مع المعلومات:
يتفاعل الأفراد مع المعلومات التي تتوافق مع آرائهم ومعتقداتهم، مثل مشاركتها أو التعليق عليها.
هذه الآليات تعزز على الحفاظ على اتساق معرفي وعاطفي، وتجنب الاضطراب المعرفي الذي قد يسببه التعرض للمعلومات المتناقضة.
أمثلة على التعرض الانتقائي:
– شخص يتابع صفحة على وسائل التواصل الاجتماعي تدعم حزبًا سياسيًا معينًا، ولا يتعرض إلا للأخبار التي تدعم هذا الحزب.
– شخص يشاهد قناة إخبارية تتوافق مع آرائه السياسية، ولا يشاهد القنوات التي تتعارض معها.
– شخص يقرأ مقالات ودراسات تدعم آرائه ومعتقداته، ولا يقرأ ما يتعارض معها.
هذه الأمثلة توضح كيف يمكن للتعرض الانتقائي أن يؤثر على كيفية استهلاك الأفراد للمعلومات، ويؤثر على آرائهم ومعتقداتهم.
——————————-
* كاتبة واستاذة جامعية
تابع آخر الأخبار والتنبيهات أولًا بأول.