لعنة العقد الثامن وحتمية زوال الكيان..!
بقلم العميد مُنذِر الايوبي*
ينظر وينتظر كثر من محللين استراتيجين ومراقبين مع تداول بعض توقعات قد تصح ربما بصيرة رأي في استشراف حلول لما ستؤول اليه عملية طوفان الاقصى من نتائج وتداعيات كما محاولة العدو لملمة اشلاء معنوياته واخفاقات قياداته العسكرية والاستخباراتية، مطلقآ ردآ عسكريآ مدمرآ تحت مسمى عملية (السيوف الحديدية) البانت صدأة كفولاذ مدرعاته المحترقة بين ركام ابنية وحدت ساحات وشوارع غزة..!
مما لا شك فيه ان نتائج المواجهة الدامية وتداعياتها ستفرض حلولآ تطال التركيبة الجيوسياسية في المنطقة والاقليم، تثبت كيانآ فلسطينيآ بحق قاطع دون قيد او شرط، لن تقبل بأقل منه حماس الميدان بقيادة السنوار والضيف وفاء لارواح الشهداء والجرحى.. من نافلٍ ايضآ وفق صيرورة التاريخ وتراكم العبر ان انتصار القوة الغاشمة بعيد المنال، وان الفوز لمجاهدين نهلوا من شرف دماء طفولة طاهرة نبل قتال وقدرة صمود.. هم جيل ايتام آباء وأمهات نكل بهم جزارين صهاينة على مرأى اعينهم، فصار الحلم زنادآ يصلون به قتلة عقاب ما ارتكبوا..!
بالمقابل، اكد جيش اسرائيل ان عتاده واسلحته الضاربة ليست اكثر من بلدوزرات Bulldozers مجنزرة زحافة نجحت في تدمير ثلث ابنية القطاع والخرسانات فاستحالت آلات واهيات مهمتها هدم لا بناء..! اما اركان الكيان الصهيوني فما برحوا يتلمسون وسط اروقة المشافي تخبطآ او قصر باع في تحديد توقيت وكيفية، مع صنع ظروف ملائمة تسمح لهم قبول غبن تدريجي لوقف المعارك عبر هدن متوالية لن تحفظ ماء وجوه شاحبة مجرمة، يتلوها رحيل رئيس حكومة العدو واركانه كفو بيعة ما جنوا من مجازر قفزآ فوق مسلمات عقاب..!
في السياق؛ بات بنيامين نتنياهو ثَوي اسير وعوده وتوعده فالقضاء على حركة حماس وفصائل المقاومة في غزة بشكل عام عَلاك ليس ذي بال، وطموحه السيطرة الامنية الكاملة دوس ارض زرعت اشواكآ من لهب، اما ادخال قوة متعددة الجنسيات بالتزامن مع اقامة مناطق عازلة وتأسيس ادارة مدنية فأمر متعذر ولو طرح على طاولة مفاوضات غير مباشرة هدف تسوية هجينة بعيدة عن وقائع الصراع وجذوره التاريخية..!
يقال ان الازمة مفتوحة حرب دون افق فخطأ جسيم، اذ ان طوفان الاقصى لم ينحسر جارفآ طروحات مزمنة واهية، لا مناص من هدنة تدفع نحو وقف اطلاق النار وادخال المساعدات الانسانية وانجاز بعض تبادل اسرى مدنيين قبل اية طروحات اخرى، تهجير اهل غزة فشل وخيار ساقط سيدفع نحو حل الدولتين وجوب ترجمة ميدانية فعلية فورية بعدآ عن سذاجة تأجيل وتسويف ..!
بعيدا عن مغالاة؛ الانتصار تحقق منذ اليوم الاول للطوفان، واستمرارية عوامله حتى تحقيق الاهداف الاساسية للشعب الفلسطيني وفيرة اكثر من كافية لدى حماس ولفيفها؛ فالقيادة والسيطرة متماسكة كما القدرات الصاروخية قادرة لم تمس، سيما ان احسن ادارة العملية السياسية ضمن وحدة الكلمة والصف.. توازيآ المجتمع الاسرائيلي يزداد تفككا والخسائر الاقتصادية، هائلة اما السلطة السياسية فمتهالكة وان لا زالت تحوز رخصة القتل، اما العسكرية فمهتزة في حالة الصرع الاستخباراتي والتشوش العقلي، فقدان ادراك تهاوي قيمة وقدم (التنين الاخضر) ناقلات الجند المدرعة M113 كما إعادة الميركافا-3 (باراك زوهير: البرق اللامع- من الجيل الثالث) الى الميدان ما سيضاعف عديد فرائس القذائف الترادفية الخارقة للدروع (الياسين 105) ..!
بعد 5 دعوات متكررة لم تُلبَ لانعقاد مجلس الامن الدولي، صدر اول من امس بالغالبية الخجولة القرار 2712 الذي يدعو الى اقامة هدن وانشاء ممرات انسانية بصورة عاجلة ممتدة في جميع انحاء قطاع غزة والافراج الفوري دون شروط عن كل الرهائن.. فيما تجاهل القرار ادانة جرائم قتل الاطفال والمدنيين كما اقتحام المستشفيات والتعرض لطواقمها الطبية، في عجز واضح عن فرض هدنة إنسانية فورية ودائمة ومستدامة تؤدي إلى وقف الأعمال العدائية..!
أخيرآ، الانكار رفض اقرار عملية طوفان الاقصى حدث حصل بالفعل جعل الكيان الغاصب مهتزا ضمن مثلث الصدمة، المفاجأة والانكار؛ لم يعد امرا ممكنآ سواء عند دول القرار الرئيسية ام لدى حكومة العدو سوى التسليم بموازين القوى الجديدة التي صنعتها حركة حماس ومن حولها اهالي غزة احياء وشهداء جرحى ومعوقين.. عدم التصديق صنو دهشة مؤدى فقدان ثقة الرعايا المهجنة بالدولة المحتلة وجيشها Tsahal .. صخب الميدان مستمر مرتفع لن يتلاشى مع صرير المجنزرات، عدم قراءة الحقيقة او تجنبها غير عقلاني اذ لا حيل دفاعية تحمي القتلة بعد الآن؛ خمس سنوات من قلق وجودي مفزع متبقية لتحقق نبوءة (لعنة العقد الثامن) ستطيح بالتجربة الثالثة للدولة العبرية، انها حتمية الزوال وفي التوراة والتلمود ما يُقرأ..!
بيروت في 17.11.2023
*عميد متقاعد،كاتب وباحث