حبال القانون والقضاء والديبلوماسية تشتد حول عنق نتنياهو


بقلم العميد مُنذِر الايوبي*

لم يكن ينقص دولة الكَيان المحتل اسرائيل وحكومتها في خضم حرب غزة سِوى اعتراف اضافي لثلاث دول اوروبية “اسبانيا؛ايرلندا؛ النروج” بدولة فلسطين، ذلك تزامنآ مع طلب المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية د.كريم احمد خان اصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت لتصبح جرائم الابادة الجماعية (التجويع، القتل العمد، الإبادة) المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني واهل قطاع غزة خاصَةً كوابيس دائمة استوطنت عقول عاق لرؤوس قتلة تدفع الى حرمان مِن نوم مشاعر اكتئاب، رعب ثُم غضب وقلق..
ثم ان بموازاة التحركات الشعبية لاهالي الاسرى في الداخل الاسرائيلي كما الاحتجاجات والتظاهرات التي شملت العديد مِن الدول الاوروبية وصولآ الى جامعات الولايات المتحدة الاميركية، اعلنت محكمة العدل الدولية “اعلى هيئة قضائية تابعة للامم المتحدة” حكمها بشأن طلب دولة جنوب افريقيا اصدار امر يقضي بالوقف “الفوري” لجميع العمليات العسكرية لاسرائيل في غزة بِما في ذلك مدينة رفح وريفها جنوب القطاع المحاصر، بعد ان باشر جيش العدو عمليات برية وقصف جوي في السابع من أيار الجاري رغم معارضة اممية وطلب وقف الهجوم الاسرائيلي…!

في السياق؛ كان ترحيب مِن المجتمع الدولي نتيجة قرار اهم المحاكم الدولية متضمنآ فرض تقديم اسرائيل تقريرآ بالاجراءات المتخذة خلال مهلة شهر من تاريخه، فيما يُعوَّل على مجلس الامن الدولي تحمل مسؤولياته وجوب تبني ما صدر مع الزام اسرائيل تنفيذه.. لكن المؤكد المعتاد رفض حكومة العدو الالتزام بالقرارات والاحكام الدولية الامر الذي سيضع واشنطن والادارة الاميركية كما الدول الغربية الحليفة امام تحديات قانونية وديبلوماسية صنف مأزق تجاوز المبادئ الانسانية التي تنادي بها أصلآ، سيما وانها ملزمة بتنفيذ أوامر الاعتقال بصفتها أعضاء بالمحكمة الجنائية (بإستثاء واشنطن) .. ذِكرٌ عَلى سبيل المثال ما صرح به وزير الخارجية الالماني لوكالة رويترز، «إن طلب خان يضع برلين في مأزق، مشيرا إلى التزام ألمانيا الذي لا يتزعزع نحو أمن إسرائيل، ودعم المحكمة الجنائية الدولية في الوقت نفسه»..!

تاليآ؛ في الصياغة القانونية شكلآ ومضمونآ كان لافتآ ومستنكرآ شمول مذكرات الاعتقال رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة يحيى السنوار والقائد العام لكتائب عز الدين القسام محمد الضيف ورئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية زعم ارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ما يثير الشبهة حول تعرض الهيئة القضائية لضغوطات دولية واممية تتناغم الى حد ما (قصدآ ام عن غير قصد) مع تهمة وتصنيف رئيس حكومة العدو “حماس” بتنظيم “داعِش” الارهابي؛ اذ لَيسَ بالامر المقبول شمول حركة التحرر (المقاومة الفلسطينية عَلى تعدد فصائلها بالصيرورة الزمنية والايديولوجية) في نضالها المرير ودفاعها عن شعبها وحقوقه عَلى مَدى اكثر مِن 75 عامآ بإرتكابها جرائم الابادة الجماعية، انزلاق ونزوع فسخ التعاطف الانساني الحس الوجداني والضمير لقضاة المحكمة الجنائية عن واقع المقاومة والتخلص مِن نير الاحتلال ما لا يستقيم مع اسس العدالة الدولية..!

الطوق القضائي القانوني والسياسي الديبلوماسي يشتد حول عنق نتنياهو واركانه، مساءلة دولية عن جرائم الابادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني (كهلة نساءً واطفال) من جهة، و التعرض للمحاكمة بالابعاد الأربع امام المؤسسة القضائية والدولة العميقة من جهة اخرى عن *ارتكابات التقصير في استباق ومنع اي اختراق لخطوط غلاف غزة من قبل المقاومة، *التسبب بمقتل الرهائن المحتجزين وفشل تحريرهم، *الخسائر البشرية الغير مسبوقة في صفوف الوية الجيش خلال معارك غزة، *العجز عن تنفيذ وعوده وتهديداته بالقضاء عَلى حركة حماس..!

في النهاية بعد ان عمَّ الطوفان السَّاح وبلغ السيل ألزُبى اكدت المقاومة رغم المآسي والدمار قدرتها عَلى اقتحام الحصون العاتية وصمودها بوجه القتلة المارقة، اذ لا يمكن انهاء الحرب دون مصداقية دولية تنفذ وتفرض بالإرغام حل الدولتين، ثم ان المنظمة الاممية والاتحاد الاوروبي باتا عَلى المحك بعد ان قدم الشعب الفلسطيني عَلى مذبح الحرية ما يقارب الاربعون الف شهيد..!
قال السموأل عن بني يهوذا : “قد شهدت عليهم التوراة بالإفلاس من الفطنة والرأي، إنهم لشعب عادم الرأي مِن همج العوَّام تجمعهم دبدبة وتفرقهم صيحة”..!

طرابلس في 25.05.2024
*عميد متقاعد؛ مختص في الشؤون الامنية والاستراتيجية