اوكرانيا هدف محسوم للضربة النووية التكتيكية..!
بقلم العميد مُنذِر الايوبي*
في قرار مدروس لا اعتباطي مدرج على لائحة الخيارات العسكرية ضمن معادلة التناسب او التكافوء مع حجم الاهداف المحققة سواء على الصعيد الجيو استراتيجي كما السياسي “مرحليآ” صادق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مراسيم ضم الاقاليم الاربعة دونيتسك؛ لوغانسك؛ زاباروجيا وخيرسون الى الاتحاد الروسي وذلك في احتفالية مطلوبة بعد عمليات استفتاء على مدى اربعة ايام اجرتها الإدارات الموالية لموسكو..!
في “التناسب الطردي” Direct Proportion معادلة رياضية تقرأها وتعتمدها قيادة الاركان الروسية بمعنى تساوي حجم النتائج المحققة مع الجهد القتالي ومعارك الميدان، ان في التقدم والانتصار ام في الاخفاقات والانسحابات..! انطلاقآ من هذه المعادلة المنطقية فإن قرار الضم كاف كثمن لرسم حدود المواجهة او وقفها آنيآ؛ بالمقابل لا نصر اوكراني يمكن الحديث عنه، وان اتى انسحاب القوات الروسية غير منظم خلافآ لنمط التراجع التكتيكي او القتال التأخيري، إذ ان الاخفاقات قابلة للاستثمار ولو لم تكن مقررة كما البيادق على رقعة الشطرنج..
في قراءة النوايا مع استشراف المرتقب كما المفاجيء فان تراجع القوات الروسية يفسح المجال امام استخدام القنابل النووية التكتيكية، وهو امر مقرر ينتظر التوقيت المناسب سواء استنادآ الى تطورات الميدان او ما يفرزه من تهديدات وتحذيرات وردود فعل دولية اممية..! اما مكان الضربة وحجمها فيمكن حسابه مع اعتلام الاهداف من خلال تحديد الحجم التدميري، قوة العصف ومدى الاشعاع انتشارا على ضرورة دراسة العوامل الطقسية واتجاهات الرياح الملائمة الخ.. ما يؤمن هامش الحماية ويحصر الدمار في بقعة العدو دون اضرار جانبية قد تصيب القوى الصديقة..!
استطرادآ، فان قاعدة التناسب غير ثابتة ان في الزمان او المكان كما الوقائع والظروف المحيطة؛ هي من اسس القانون الدولي الانساني متوجب اعتمادها من القائد العسكري بمعنى التوازن بين اساليب ووسائل قتال العدو والاعتبارات الانسانية في حماية المدنيين، ومن هذا المنطلق يصبح اللجوء الى النووي التكتيكي متداخلآ قد يأخذ منحى او تفسيرآ مبررآ على تلافي انتهاك قواعد القانون الدولي..!
في حل التناسب solving proportionality اعتمد الرئيس بوتين ضم الاقاليم الاربعة بالتساوي مع ادخار جهد القوى المقاتلة وبالتوازي مع اللجوء الى التعبئة العسكرية الجزئية، تأمين طوق الحماية وخطوط الجبهات الدفاعية، منتظرا ضربات الجيش الاوكراني مفسحآ له المجال لتقدم ميداني خادع جاعلا من الرد النووي التكتيكي الصاعق مبررا حاسما لإنهاء العملية العسكرية والاكتفاء بالنصر المحقق بما يضمن:
١- بقاء منظومة الصواريخ الروسية الاستراتيجية Sarmat- RS 28 باردة في صوامعها ” يطلق حلف الناتو على صاروخ “سارمات” صفة الشيطان في مواصفاته: « حمولة نووية تقدر ب 10 اطنان- انفجار اقوى 2000 مرة من قنبلة هيروشيما- سرعة فرط صوتية- مدى يصل الى 11000 km- قدرة مناورة على تغيير الارتفاع والاتجاه والسرعة- مستوى عالٍ من الحماية النشطة»
٢- تثبيت موقع روسيا قطب الكوكب الاخر الضارب نوويآ دون تردد؛ كما موقع الرئيس بوتين قائدآ لروسيا العظمى وتاريخها العريق.
٣- وقف استنزاف موارد الدول الاوروبية تلقائيا في دعم قوات زيلينسكي وبالتالي ارتياح شعوبها معيشيآ مع منحها دفئآ يقيها صقيع السبات الشتوي خلافآ لسياسة قادتهم ولو على حساب الاوكرانيين، كما يقدم بعض مصل شفاء اقتصاديات القارة المتهالكة، مع فتح انابيب الطاقة الغازية وان تدريجيآ..!
من جهة اخرى؛ في قواعد الاشتباك؛ محسوم ان لا حرب عالمية ثالثة ولا نووية شاملة، اذ ان استخدام قنبلة او اثنتين بحمولة 1 كيلو طن من اصل 2000 قنبلة لا استراتيجية نووية تكتيكية قابعة في مستودعات الشمال السيبيري اكثر من كاف لتأمين الصمت المدوي على الاراضي الاوكرانية والاوروبية..! كما ان رفع درجة اليقظة النووية لدى دول الغرب ليس بعامل حاسم او رادع للقيادة العسكرية الروسية، اذ ان المتوفر الممكن لدى الاتحاد الاوروبي تطبيق “برنامج الانقاذ” Rescue Programme الذي اقر بداية الحرب على اوكرانيا المتضمن مندرجات خطط الطوارئ للتعامل مع الكوارث بما فيها مواجهة هجمات نووية.. “تحضير الفرق المختصة والمعدات، محاصرة انتشار الإشعاع النووي، استعمال الخزان الإستراتيجي للاتحاد الاوروبي من الأدوية واللقاحات الخ..! يبقى الثابت ان الاستجابة السريعة لاي هجوم كيماوي او نووي كما حدود اللعبة محدودتين ومعتلمتين بدقة..!
في الرد الاميركي؛ تعتمد واشنطن حتى الآن ازاء كل ما يحصل معادلة “الغموض الاستراتيجي” Strategic Ambiguity، ورغم تحذير الكرملين من استخدام النووي التكتيكي فقد رفض الرئيس الاميركي جو بايدن الافصاح عن تفاصيل الرد، معلقآ إن رد الفعل سيعتمد على “مدى ما يفعلونه”..! بالمقابل فإن موجبات الرد الاميركي العسكري تبقى غير ملزمة، اذ لا تعتبر اوكرانيا حليفآ للولايات المتحدة ولا هي عضو في حلف شمال الاطلسي.. كما ترى الادارة الاميركية ان أي رد عسكري أميركي مباشر ضد روسيا سيؤدي الى حرب أوسع بين القوى العظمى ذات الانياب النووية، وهو ما يجعل تجنبه اولوية..!
تاليآ؛ ستكون اماكن تجمع القوى الاوكرانية و النقاط الحيوية العسكرية والاستراتيجية هدفآ مرجحآ ميدانيآ امام الصاروخ 9K720 Iskander الباليستي القصير المدى 300 km الحامل اولى القنابل النووية التكتيكية.. من هنا يمكن ختم المقال إكتفاءً بثلاث:
*لورانس فريدمان، خبير دراسات الحرب في كلية Kings College البريطانية: “ان الأهداف المحتملة للضربات النووية المحدودة هي تلك التي تم تحديدها للضربات التقليدية، اي البنية التحتية الحيوية أكثر من المدن. وجزيرة الثعبان على سبيل المثال الواقعة في البحر الأسود غير المأهولة بالسكان، يمكن أن تُقصف بالأسلحة النووية كدليل على قوة روسيا في زرع الخوف في أوكرانيا والغرب”.
**وزير خارجية الاتحاد الاوروبي نبه الى ان تصريحات بوتين عن استخدام السلاح النووي “ليس مزحة”..
* نقلت صحيفة “فايننشال تايمز” (Financial Times) عن مسؤولين أوروبيين قولهم “إن كثيرا من الخطوط الحمراء التي أرسيت في التعامل مع السلاح النووي قد تغيرت بعد خطاب بوتين”..!
بيروت في 02.10.2022
*رئيس القسم السياسي- مدير الموقع الاخباري “ألدُنيا نيوز” .